الخميس، 2 ديسمبر 2010

عن الذين يبيعون الحب واليقين بالأوهام والأحلام


إهداء : إليها
....
نساؤنا لا يحط عليهن الذباب
نساؤنا جميلات
نساؤنا لا تعرف العبث
نساؤنا مؤمنات
.
.
.
.

" مريت بتجربتين أو تلاتة..وكنت بنهي الحكاية ببساطة..مش هو دا اللي بدور عليه"

دعكِ من اللوم يا حبيبتي..لا تقولي أني استبحت عالم النساء..أنا فقط كنت أبحث عن حب يواري سوأة حبي لك الذي انقض علي أركاني..فزلزلها.
........

" متعدليش كام ظالمهم معايا..مش قصدي سوء نية..دا في النهاية أسلوب بحاول يوم أنساكي بيه "

كنت قد كررت جولاتي في عالم النساء يا حبيبتي ولكن تكفيني حسن نيتي..كان ذلك من أجل نسيانك..ربما أنا واهم..فأنا لم أعرف يقينا إلا حبك.
ها أنا أعود الآن وما في قلبي موضع وإلا وفيه ذبحة من حب.
...........

" أنا متعقد علي فكرة..مبقتش ببص لبكرة..وأتاريني عايش علي الذكري"

ربما تقولي الآن: وما الجديد ؟؟..الإحباط وصم لك منذ عرفتك..ما الذي جد في الأمر ؟؟
أنا أخبرك: أنا كنت محبطا- فعلا يا حبيبتي- سياسيا..ولكني كنت أراهن علي العاطفة والناس..كنت أراهن نفسي. الآن جازلي أن أقول أني خسرت الرهان..لقد تسلل الإحباط إلي كلِّي..لقد استعمرني وما ترك لي متنفس من أمل.
هل تذكريني يوم أخبرتك بنيتي للسفر إلي أوروبا لعلي أجد نفسي هناك. لقد سافرت ما سافرت ولكن عاهاتي وأوهامي كانت معي ولم أفلح في التخلص منها.
حبيبتي..وددت لو عدت بعقلي إلي أيام المأثورات..لكنه الابتلاء.
..............

" أنا مش بفكر في نفسي وأناني..دا أنا الوحيد اللي واقف مكاني..وأنا الوحيد اللي بخسر أكيد"

نعم..أنا أخبرتك بقناعتي بمبدأ " الأنانية الحميدة".. لكن إيماني به لم يكن باليقين الذي يحميني من نفسي..نفسي الأمارة بالأحزان!!
أنا مريض بحب الناس يا حبيبتي. وهناك أحزان مؤجلة.. اجتمعت عليَ في بلاد الغرب والغربة.. أعجزتني ..تراكمت عليَ هناك فما عدت أستطيع.
أنا الذي يخسر دائما يا حبيبتي..
................

"أنا غصب عني اما بعمل مقارنة..ولما اقلب وابص في صورنا..مش بعرف أنسي واعيش من جديد"

ما أنا إلا عقل وقلب..وقد اتفقا عليَ.
لا يا حبيبتي..لم تكن تجمعنا صور..لم تكن إلا لحظات نسرقها خلسة من مجتمع فصاميَ يرتدي ثوب التدين رياءً..
هل تذكرين يوم أخبرتك بأني سوف أصحبك حتي بدايات الشارع الذي يسكنك .لقد رفضتي. تذكرين ماذا قلت؟!!
"يعني سواق التاكسي أحسن مني في ايه عشان تركبي جنبه وأنا لا!!".
لكنها فروض الولاء التي يجب أن تقدم لمجتمع متأله.
لكنّ ما يجمعنا..شيء أعظم و أخطر من الصور..إنها الذاكرة يا حبيبتي..
أنا الآن أتذكر "أحلام مستغانمي" وهي تخبرني :
"نحن لا نشفي من ذاكرتنا..ولهذا بعضنا يكتب.. بعضنا يرسم..ولهذا بعضنا يموت أيضا" .
نعم أنا أكتب إليكِ الآن..ولكني لا أجيد الرسم ..أنتِ فقط من تجيد الرسم يا حبيبتي.. إني خائف..خائف أن أواجه الخيار الثالث والأخير..وأنا هنا..وأنتِ هناك في عالمك..بعد السما عن عالمي.
" أنا متعقد علي فكرة"

اسمع حماقي :متعقد
http://www.youtube.com/watch?v=ww15TSLEbvs

الثلاثاء، 31 أغسطس 2010

عن أبي..أحدثكم


هذا الأهلاوي المتعصب ..لازلت أتذكر مراقبتي له وهو يتابع مباراة تحديد بطل الدوري في الموسم الماضي بين الأهلي والاسماعيلي..أذكر أني انشغلت به عن متابعة المباراة نفسها- وكان دائما يفضل مشاهدة المبارايات خارج المنزل- وأتابعه وهو ينفعل ازاء كرة هنا أو هناك..وكنت أنظر إلي جسمه الذي يرتعش من القلق..وأقول له : "مينفعش كدا يا بابا..حرام عليك نفسك..حاول تستمتع بس..ومتشغلش نفسك باللي هيفوز." وطبعا كان كلامي هذا لا يحرك فيه شيئا وكأنه لا يسمعني.. إلي أن يرد عليّ :" اعمل ايه بس يا ولدي..دا آخر ماتش..مينفعش..لازم الأهلي يفوز"

....................


هناك شهيد النكسة

وفاقد بصره في حرب أكتوبر

يخبرونك

بابتسامة عريضة

ها قد ضحينا بأرواحنا

وأغلي أعضائنا

من أجل حديد عز!!

" من رواية..الولدان السيس المخلدون

..............................

أجترمع أبي ذكريات حرب أكتوبر..وفترة جيشه التي استمرت قرابة الست سنوات..ويحدثني بشيء من التفصيل عما حدث معهم..وخصوصا عندما حوصروا-الجيش الثالث- ويحدثني عن الرصاصة التي دخلت رجله وخرجت دون أن تترك-والحمد لله-أي إعاقة....فلا أجد في نهاية حوارنا إلا أن أختم بهذا الكلام لكي استنطقه :

" شوف يا بابا..اديك حاربت..وشوفت أيام صعبة ازاي..والبلد ولا عبّرتك..ولا سألت فيك..وشايف ازاي خيرها منهوب".

فيقول لي :" كلامك صح يا ولدي..البلد دي لو ماتت فيها رقاصة..يكتبوا عنها في صفحات وصفحات في الجرايد..لكن احنا ولا حد سائل فينا..نهبوا البلد ولاد الكلب".

......................


هذا ليس زمنك

أيها المرهف شفافية وعذوبة

هذا زمن إعدام العصافير

والأطفال والفراشات والنجوم

وأنت تدفق الحنان

صوب كائنات الله كلها

هذا ليس زمنك!!


"غادة السمان"

.............


. أبي..هذا الذي علمني ألا أكره..علمني أن أحب الناس..علمني أن أصالح الناس ..حتي لو كان الحق معي..لذلك أستغرب وأشعر بحزن بالغ عندما أجد بعض الناس ..حتي وإن كانوا مخطئين..يرون في الاعتذار ذلا ويرفضونه رفضا غريبا..ربما لأنك لست أباهم!


.أتذكرك وأنت تلاعب حفيدك (مروان)..وأنا أعرف حبك الجارف للأطفال..فما بالي بحفيدك؟!..وكيف يكون تأثرك ببكائه..وتلوم أختي دائما عندما يبكي..فلا تجد مفرا من أن تخرج به في الشارع في جولة ليلية متأخرة كي يهدأ بكاؤه..أنت ..رغم ما تعانيه من إجهاد في نهاية يومك..ورغم تعب سنواتك التي قاربت الستين..قضيتها في حل وترحال من أجل أربعة أبناء كفلت لهم مستوي معيشة وتعليم مناسب..أظن أنهم رغم مشاكلهم التي لا تنتهي..قد ساهموا ولو بجزء بسيط في رسم ابتسامة علي وجهك المضيء الذي يكسوه العرق دوما فيكسبه لمعانا يظهر ملامحك الوسيمة.. التي لم تعطني منها أي شيء!!


.أتذكرك..حين تصر علي صلة رحمك..وخصوصا أختك..فتذهب في إجازاتك القصيرة والقليلة لبلدتنا.. تزورهم وتودهم حاملا ما تستطيع من سبل المودة..معنوية قبل أن تكون مادية..أتذكرك..وأنت تعود حزينا منكسرا من هناك ..فمشاكلهم فيما بينهم لا تنتهي..وتقسم بالله أنك لن تعود لهم مرة أخري بعد يأسك من صراعاتهم علي دنيا..لاتستحق أن يتصارع عليها الغرباء..فما البال بالأقارب..أبناء الدم الواحد؟!أتذكرك وأنت تعقد العزم في أقرب مناسبة لكي تسافر مرة أخري إلي هناك..إلي أرمنت..فلا يكون مني إلا أن(أنكشك) قائلا : " ما أنت قلت يا بابا انك مش رايح البلد تاني".

فأسمعك ترد عليّ –وأنا في قمة سعادتي- بردك التلقائي :

" اعمل ايه يا درش بس..اخواتي..ولازم أشوفهم".

..............


. أتذكرك-وأنت تسافر شمالا وجنوبا- بارا بأصدقائك أيام الجيش..رغم انقضاء عشرات السنين مذ كنت معهم...فلا تمل من أن تتواصل معهم تليفونيا..وكيف عندما ذهبت لأحدهم في المنوفية فلم تجده..وانتظرته ساعات حتي أتي..فسلمت عليّه عندما رأيته فلم يتذكرك في البداية..فتهدده بأنه إذا لم يتذكرك فسوف تمشي وتتركه..ولكن كيف له أن ينساك؟!


.أتذكر قلقك المفرط عليّ .. حتي عندما كنت أذهب إلي قنا..وهي التي تبعد ثلث ساعة عن مدينتنا السكنية وتوصيني قائلا :"اركب مع سواق كبير شوية في السن يا مصطفي..لو لقيته ماشي بسرعة...قول له يهدي ..الدنيا مش هطّير"وكيف تكون وصيتك المشددة- التي حافظت علي تنفيذها في آخر سنتين لي هنا -عندما أخبرك بقدومي من أسيوط - :" اركب القطر يا ولدي..اوعي تيجي ميكروباص..أو بيجو..السواقين دول مش كويسين..وبيجروا جري علي الطريق..اسمع الكلام –الله يخليك- يا ولدي".وعندما أصل تستقبلني قائلا :" طبعا جيت عربيات؟!!..وللا جيت قطر؟!!"..أصل مفيش قطر في الوقت دا !!"فأنظر للأرض –استحياءا منك.. وأتعلل بتأخر القطارات عن المجيء في مواعيدها الرسمية وعدم وجود حجز في ذلك الوقت..فلا أجد مفرا من قولتك التي اعتدتها: " طيب قول لي علي الميعاد اللي هتسافر فيه عشان أحجز لك في القطر".


. أتذكرك..حين توصيني وأنا أستعد لسفري إلي أسيوط :" خلي بالك من نفسك يا ولدي..وشد حيلك..متشغلش نفسك بالسياسة..وملكش دعوة بالحزب الناصري وللا بالبرادعي..احنا مش هنغير الكون"..وأعرف أنك تشعر بأنك تؤذن في مالطة..لكني أعدك بحفاظي علي وصيتك!

...................

" سأحيا لأن ثمة أناسا قليلين أحب أن أبقي معهمأطول وقت ممكن

،ولأن عليّ واجبات يجب أن أؤديها،لا يعنيني إن كان للحياة معني أو لم يكن لها معني!!"


الطيب صالح

...............


.في اللحظات التي تغرقني فيها بحور الاكتئاب والإحباط..دائما أتذكر قلقي عليهما-أبي وأمي- خوفي من فقدهما يجعلني أعيش لحظات قاسية من الرعب الأسود..فتغلبني دموعي التي تتساقط في محاولة لترطيب تلك اللحظات الجافة.عندما تتمكن مني هذه الوساوس المزعجة أجدني لا أحس بدماء الحياة تسري في شراييني..ويحاصرني شعور غريب بأنه لا جدوي من حياتي.. بدونكما.أنتما الأمل الحقيقي..أنتما من يستحق أن أعيش لأجلهما.عندما أري السنين تمر..أعرف أن اللحظات التي أحاول تجنب التفكير فيها قد اقتربت..ففي كل يوم..هي أقرب من سابقه..فتكون السبب الأهم في دخولي غيابات الاكتئاب المظلمة..ومن بعدها دموع القلق المخيف تنهمر من عيوني في محاولة يائسة لتخفيف حدته فلا تفلح معه..فاستنجد بسلاحي الأخير.. النوم..علّ هواجسي تنام!!

الثلاثاء، 27 يوليو 2010

ذات فجر

دوما..يجد في مجتمعه شاطئا ممهدا كي ترسو عليه سفن شطحاته و نزواته..لا يفكر كثيرا في تبرير أفعاله..فقط يقول : مجتمع فصامي!!

يجلس هذا الذي لا يمل من تأمله وتفكيره الدائبين..يستحلب سيجارته وقت الفجر ويرقب شارعه من شرفته التي تقع في الدور الخامس من أعلي بناية في هذا الشارع الصغير..تجوب عينيه الشارع ذهابا وعودة :
.هؤلاء مجموعة من الشباب عائدين لتوهم من صلاة الفجر..يتبارون في إزعاج سكان الشارع.
لا يدري.. فربما يكون فعلهم البغيض هذا بقصد ؛ كي يوقظوا الغافلين عن صلاة الفجر !!
يقول هذا..لما خبره من أفعال شبيهة في المدينة الجامعية..حيث يقوم بعض الطلاب-من تلقاء أنفسهم- بطرق أبواب الغرفات حتي يوقظوا أصحابها لصلاة الفجر....لكي يدور عداد حسناتهم اللعين ؛ فالجنة في انتظارهم !!

.هذه سيدة وزوجها.. في الدور الأول من العمارة المقابلة ..بعد أن فرغوا من الصلاة يجلسون للحظات في شرفتهم..ثم تقوم هذه السيدة بإلقاء كيس الزبالة في وسط الشارع !!
لا يدري..كيف تحدثها نفسها بهذا الأذي..أليست خارجة منذ لحظات من لقاء ربها؟؟..أما تستحي ؟؟!!
المشكلة أن سكان هذا الشارع ينافس بعضهم بعضا في إلقاء زبالتهم في منتصف الشارع!!
يهوّن علي نفسه قائلا: لا بأس..يبدو أن بعض الحيوانات قد تركت أماكنها لتستقر في المدينة..بين البشر.

يشرب سيجارة بعد أخري..وكلما فرغ من واحدة تستدعي ما استطاعت من ذاكرته الحزينة..فيتذكر أيام التزامه بأداء صلاة الفجر..وسيره الحفيف في شوارع مدينته السكنية الهادئة وعودته من الصلاة بنفحات إيمانية تهتز لها جنبات نفسه ..يكلّلها في الصباح بسماع القرآن من الصوت الباكي"محمد صديق المنشاوي"..وكيف كانت أمه التي لم تزر مدرسة في حياتها تقول له-تأثرا- :
" هي الناس مش بتسمع قرآن وللا ايه يا ولدي ؟؟ الناس بتعمل اللي بتعمله في بعض ليه؟

الجمعة، 28 مايو 2010

سيرتي الذاتية...التي لم أكتبها........(1)


"أمومة الترتيل"



حينما كانت أمي تستعيد الاستماع إلي ما حفظت من قصار السور صعودا إلي السور الطويلة،ومن جزء عم إلي جزء تبارك، وتصحح بصوتها الرخيم ووجهها المضئ بالفرح وعينيها المسبلتين المتبتلتين ما أخطئ فيه ،كان الإيقاع الجليل بصفائه يشمل كل شيء، وكانت الدنيا تنتظم كأنها مسبحة أخاذة من الأصوات والانسجام المحكم.

وفي صبيحة الذهاب إلي "الكُتّاب" أول مرة، كانت سحابة من الإيقاعات المتشابكة قد انعقدت من بعيد فوق بيت "سيدنا" يزداد علوها وتشابكها كلما اقتربت خطاي، كان "الكتاب" غرفة واسعة في بيت "سيدنا"، حين أخذت مكاني علي الحصيرة بين جماعة المبتدئين، انتبهت مفزوعا مرتعبا علي صوت "سيدنا"، وهو يعنف امرأته وابنته الشابة وهما وراء الباب، ثم علا صوته الأجش الغليظ بآيات قصار السور، فقلت لنفسي :


لابد أن القرآن امرأة، وأن الآيات أمومة خالصة لا يعرفها الرجال، واكتشفت أن كل ما حفظته من قبل قد سقط من ذاكرتي..فبكيت!!




نقلا من كتاب

أوائل زيارات الدهشة
"هوامش التكوين"
محمد عفيفي مطر

سيرتي الذاتية...التي لم أكتبها .........(2)


"شاي الذكريات"

إهداء : إليها
..............
بطبعي لا أحب أن أفتح الباب طالما لا أعرف من الطارق ..
لكنه كان لحوحاً كقاتل يريد أن ينهي مهمته سريعاً ..
أخذت عصاي وذهبت لأفتح الباب ..
..............
وجدته أمامي يبتسم في حزن وشموخ!
رجل تخطى الخمسين من عمره .. بملامح مألوفة نوعاً ..

أشيب الفودين .. وسيم جداً .. بملابس معقولة ..
لا بأس ..
"نعم؟"
قال في ارتباك :

"اُعذرني .. أنا كنت ساكن في الشقة ديه من كام سنة .. قبل ما أبيعها وأهاجر برة"

نظرت له بمعنى :
"برضه نعم؟"
قال في ارتباك أكثر :
"كنت معدي بالصدفة في الشارع .. فقلت أطلع أشوف الشقة أخبارها ايه؟ .. لو مكانش يضايقك يعني .. نفسي أخد نفس واحد وأنا جوة الشقة .. الشقة ديه شافت أجمل ذكرياتي .."
..................
كان جسده ضعيفاً ..

لن يحتمل لكمتين مني لو اتضح أنه قاتل أو لص أو شاذ ..
قلت :
"بس أنا لما اشتريت الشقة ديه من سنتين .. كانت من ورثة ست عجوزة"
قال :
"ديه اللي اشترت الشقة مني .. مدام "اعتماد" الله يرحمها"

قلت :

"أنا افتكرت ! .. تقريباً أنا شوفتك من يومين .. واقف مع البواب"

يقول :

"آه .. كنت بسلم على عم " رجب" الجميل وبسأله عن الشقة .. بس وقتها اتكسفت أطلع"

....................

نظرت إليه لربع دقيقة ..
قال : "أنا ممكن أمشي لو معطلك عن حاجة .. أنا بس مش هاخد أكتر من دقيقتين"

فتحت الباب أكثر ..
"اتفضل" !
دخل ..
...................
وضعت العصا على أقرب مقعد ..

أثناء ما كان ينظر بلهفة حوله ..
وكأنه في متحف ..

"تحب نقعد في البلكونة؟"
"يا ريت"
جلس على كرسي في الشرفة ..
وأحضرت آخر وجلست قباله ..
أخذ يحكيني عن زوجته وبنته وابنه .. عندما كانوا يعيشوا معه في الشقة ..
يقول أنه الآن يسكن في منطقة تبعدني بساعة بالسيارة .. بعد أن عاد من الخارج ليتغلب على جراحه هنالك ..
يعيش الآن وحيداً بلا أقارب أو أصدقاء ..
وأخذ يردد ذكرياته بعينين دامعتين ..
.....................
يشير لأرض الشرفة ..

"هنا .. كانت بتيجي عشان تنصحني أنا وصحابي .. عشان نخف شرب وتدخين"

"عارف .. أنا حاسس إني لو دخلت أودة ابني .. هلاقيه فارد ضهره ع السرير , وماسك كتاب وبيقرا وهو حاطط رجل على رجل .. ديه آخر حاجة فاكرهاله"

"ومراتي واقفة في المطبخ بشعرها القصير الناعم وهي ماسكة المغرفة بإيد وايدها التانية بتمسح بيها عرق جبهتها الجميل"

ينظر إلى الصالة ..
"وهنا كانت بنتي بتكلم حبيبها في التليفون بصوت زي الهمس كدة .. فاكراني ماعرفش يعني .. ولما أقرب منها كانت تعلِّي صوتها وتعمل إنها بتكلِّم واحدة صاحبتها"
..............
تركته يسترسل كما يشاء .. حتى صمتْ
.. فسألته بعد أن غلبني الفضول ..
"وهم فين دلوقتي؟"
يقول : "حادثة عربية"
أسأل : كلهم؟؟
يوميء برأسه.
أقول : "متأسف جداً" ..
يجيب بدمع عينيه ..
أنهض : "أنا هعمل شاي"
يهز رأسه مبتسماً بحزن!
......................
أذهب إلى المطبخ .. وأنا أشعر بالتمزق ..

طبعي الدائم .. أن أجدني بداخل أي إنسان ..

أراني في كل البشر ..

رأيت حياته في حياتي ..

كما أتوحد مع الأفلام والروايات والأغاني ..
كانت دموعي قد بدأت في التساقط على الرغم مني ..

إلا أني صبرت نفسي بتخيل قصة صداقتي القادمة مع هذا الرجل ..
.................
شاب حائر وحيد في منتصف العشرينات لا يريد أن يعيش حياة واحدة ..
مع رجل وحيد في منتصف الخمسينات .. حطمته الأقدار ودمرت آماله ..
أراهن على أنها ستصبح صداقة رائعة !
..............

ابتسمت .. وذهبت إليه بالشاي ..
وأخبرته عن عرضي بالصداقة ..
فوافق .. وقال أنه يتشرف بأن يكون له ابناً مثلي ..
فأخبرته أني لا أريد أن أكون ابنه ..
"اعتبرني صديق .. بس صغير شوية"

يبتسم .. ويخرج محموله من جيبه ..
: "ممكن آخد رقمك؟"
أقول بسرعة وأنا أنهض : "طبعاً .. ثواني هجيب الموبايل" ..
آتي بالموبايل ..

أسجل رقمه ..

يسجل رقمي ..
يبدأ يرتشف الشاي ..
أسأله : مظبوط؟
يقول : مممم يعني كويس!
"بجد؟"
يقول : يعني .. لو مافهاش تعب .. ممكن معلقة سكر؟
أقول وأنا أنهض : طبعاً .. طبعاً ..

آخذ الكوب مسرعاً ..

...................

أعود إليه به ..
أجده يتناول كوب الشاي على رشفتين ..
يضع الكوب .. وينهض ..
"أقوم بقى عشان ماعطلكش عن اللي بتعمله"
"ما تخليك شوية .. تحب تتفرج على باقي الشقة؟؟" ..
"المرة الجاية بقى .. عشان ماتتخنقش من صديقك الجديد"
"لا طبعاً مافيش أي خنقة .. أنا تحت أمرك في أي وقت"


وعندما أوصلته للباب سألته :

"إنت مش محتاج أي حاجة بجد؟"
فاحتضنني وهو يرتعش ..
"ألف شكر يا حبيبي .. سلام"
"مع ألف سلامة" ..
.........................
أغلق الباب ..
أفكر قليلاً في مأساة هذا الرجل الوحيد ..
.......................
بعدها بقليل ..
أجدني نسيت تلك المأساة تماماً ..

لأني انشغلت بالبحث عن المحمول الذي أذكر أني وضعته آخر مرة على مسند الكرسي في الشرفة..
.................
وكأنه اختفى فجأة !
...............


http://3asoryat.blogspot.com/2010/04/blog-post_30.html

************************








الأحد، 14 فبراير 2010

حوار فيسبوكي..مع صديق سلفي

.مصطفي(أنا) : أنت يا بني. ؟: ازيك يا عثل؟؟..كفاياك خرط.

أحمد : هتحاسب..والله أنا خايف عليك..صدقني.

.مصطفي : أنت فيه حاجة مش فاهمها..مش معني أني بنتقد أشخاص مسلمين أني بهاجم الإسلام.

.أحمد : الاستهزاء بالمؤمنين.

مصطفي: من الفكر يا صاحبي..الفكر دا بيدي فرصة ذهبية لأي حد انه ينتقد الإسلام من خلاله للأسف.

أحمد : قلبك ع الإسلام قوي..ياخي..أنتا بتصلي ياد؟؟..عامة اقرا النوت ولو عايز تقول رأي معارض ع عيني وع راسي بس من غير ما تلبخ في أشخاص أو مشايخ.

ثم انقطع الاتصال..نظرا لانه كان عن طريق شات الفيس بوك.....ثم في اليوم التالي :



أحمد : ما ترد يا حيلتها..وللا مش عارف..وللا لسه هتستشير أذنابك تقول ايه ؟

.مصطفي : حبيبي..كنت هكلمك والله..عندي اقتراح بسيط.

.أحمد : طب اقرا النوتس واعقلهم بدماغك وربنا يكرمك.

.مصطفي: هقولك ...حتي الغزالي مسلمش من أذاكم.

أحمد : انهو غزالي فيهم..وبعدين متمسكش ف دي وتتصدر..خليك في لب الموضوع.

.مصطفي : طالما للإسلام جنود أمثالكم..فالقضية خسرانة كيك.

.أحمد : هتكسب ..ولو فضلت بفكرك ده ..يوم القيامة ستركل إلي جهنم.

.مصطفي: المفروض تعقل كلامك..الموضوع مش كوبي وبيست يا بركة..اديني ايميلك.

.أحمد : مش كوبي بيست يا تافه..ولو عايز ع الأرض أنا جاهز.

.مصطفي : يا راجل عيب عليك..دي ويكيبيديا يا تعبان.

.أحمد : دي مش ويكيبيديا يا جاهل.

.مصطفي : أقصد موضوع العلمانية يا تعبان.

.أحمد : اطلع بره الوول ياد..أنت محسوب ع الإسلام غلط..ومصيرك الزبالة.

.مصطفي : ابعت الايميل يا حبي.

.أحمد : زيك زي أي واحد شتم السنة والنبي.

.مصطفي : أنا ؟

أحمد : أنت لو شتمت أبويا مش هسكتلك..ما بالك لما تسب النبي..أنا اقطعك حتت..امال لما تشتم اللحية وتتريق عليها..النبي دا مش كان ملتحي؟

مصطفي : هتبعت الايميل وللا لأ ؟

أحمد : وللا انت بتشتم اللحية علشان مش عاجبك منظرها ؟

مصطفي : ابعت ايميلك علشان أعرف أكلمك.

أحمد : لا..وهحذفك من عندي لاني لا أضيق كلامك..وأبغضك في الله.

.مصطفي : بجد ابعت ايميلك..علشان الأمور مش واضحة عندك شوية..وبعدين انا مشتمتش اللحية...وبعدين ..دا اسلوب حوار؟؟

ثم انقطع الاتصال.






. وفي إحدي المرات كتبت نقلا عن رواية "بلد المحبوب" ليوسف القعيد :

. كان الأتوبيس مزدحما..وقد كان مزدحما قبل سفري..ولكن الزحام الآن يخلو من الإنسانية..لم أشم روائح العرق القديمة ولم أسمع القفشات والتعليقات والنكات..ولم أشاهد شابا يقوم من مكانه لشيخ عجوز..ولا رجلا يقف من أجل أن تجلس مكانه إمرأة..شممت رائحة توتر مكتوم..لايعرف كيف يعبر عن نفسه.

حتي الناس تغيرت.سألت نفسي ولم لا تتغير الناس؟ هل هم محصنون ضد التغيير؟لاحظت أن كثيرا من الشباب صغار السن ولكن لحاهم طويلة..لم تحلق هذه اللحي من قبل..جلد الذقن لم تجر عليه الموسي أبدا.الوجوه تحيط بها ذقون والذقون أنواع..بعضها أسود يبدو أنه نسيه الليل حول الوجه..وبعضها الآخر يبدو مغسولا باللون الأبيض..يبدو مثل القطن والحليب وسحاب الصيف في سماء الله العالية.يرتدون ملابس بيضاء من القدمين حتي الرأس..وفي أيديهم سبح من أشكال وألوان وأحجام مختلفة.لاحظت أن هناك شابات كثيرات تغطيهن الملابس تماما..بعضهن لم يكن يبدو منهن سوي العينين فقط.

عرفت بعد ذلك أنهن محجبات وأن الحجاب أيضا أنواع..منهن ما تسمي محجبة ومنهن من تسمي منقبة..وفي كل الأحوال فالمرأة تبدو كتلة متحركة من الملابس. وعلمت أن هؤلاء الشباب والشابات يشكلون جماعات مختلفة..وأن هذه الجماعات تملأ بلادي.

: فكانت الردود كالآتي

أحدهم قال : قال ابن القيم :"ولم يكن في النشأة الإنسانية إلا الرسل وأتباعهم لكفي بهم وأعدائهم وإن كانوا أضعاف أضعاف اضعافهم فهم كالزبالة والوسخ وغثاء السيل؟..فإن وجود الواحد الكامل من هذا الصنف يغتفر معه وجود آلاف مؤلفة من الصنف الآخر."

ورد آخر : لو ربنا أكرمني ودخلت الجنة..هيكون أول طلب لي أشوفك فين يا مصطفي أنت واللي زيك..لو فضلت علي عقيدتك لحد ما تموت.