الجمعة، 26 أغسطس 2011

مناجاة

الليلة ربما هي ليلة القدر ها هي مناجاتي لك يا الله

"اللهم أعز الإسلام والمسلمين..وأذل الشرك والمشركين..ودمر أعداء الدين..اللهم عليك ب...وب... اللهم رمّل نساءهم..ويتّم أطفالهم"
هذا الدعاء سوف يخرج الليلة من ملايين المساجد في الكرة الأرضية..بيوتك يا الله!
ثم يخرج هؤلاء من المسجد ليصرخوا :
"الإسلام دين الرحمة"
ويتعبدونك بتلاوة ما ذكرته عن نبيك "محمد" :
"وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين"
كان من الممكن يا الله أن تلهمهم هذا الدعاء :
"اللهم أعز الإنسان الذي كرمته في كتابك..اللهم كف أيدي بني آدم عن القتال..اللهم وزع علي قلوبهم من الحب ما يجعلهم ودودين ومتراحمين كي تصبح الأرض جنة صغيرة..قبل أن تضمنا جميعا في جنتك التي وعدت"
...
"لا يُقتَل مسلم بكافر"
رواه البخاري
يا الله..أنا لا أستطيع أن أصدق أن نبيك"محمد" قد قال هذا..ألست تقول:
"و كتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس"
وقلت أيضا :
"من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا"
أنت تعلم يا الله أن كثيرا من الموحدين لك يرفضون المواطنة..فكيف يقبلونها وهي تقوم علي أساس المساواة وعدم التمييز بين المواطنين علي أي أساس حتي لو كان دينيا.
كيف يقبلونها وهم يقرأون هذا الحديث يا الله !
عفوا يا الله..أنا لن أستطيع أن أقبل هذا الحديث مهما حاول المتنطعون من المفسرين والشراح أن يؤلوه !
أعرف أنك شاهدت مقتل الناشط الإيطالي "فيتوريو أريجوني" في غزة..أريد أن أعرف كيف تابعت مقتله علي يد أناس يدعون صلتهم القوية بك!
أنت تعرف أنه قد ترك"أوروبا" وما فيها تضامنا مع أطفال "غزة" و انتصارا للقضية الفلسطينية فقتله أهلها؟
أنت تعرف أيضا اعتراض بعض الموحدين لك علي قيام"حماس" بقتل مختطفوه وقاتلوه..إذ كيف يُقتَل "مسلمون" لاغتيالهم "كافر" ؟
لا أخفي عليك يا "الله" أنه عندي أفضل من موحدين كثر لك يتمتمون بما ورثوه عن آبائهم وأمهاتهم ولا يفهمونه !
...
يا الله.. يكفي تلك الدماء التي أريقت باسم أديانك الثلاتة التي نعرف..
كفي تلك الشرور بين عبادك..
اللهم اهدِ رجال الدين أو أسكتهم..اجعلهم دعاة للإنسانية لا الهمجية..
ارحم الأطفال الصغار..فأنا لا أقوي علي رؤيتهم يبكون أو يتنطعون..
لا أريد أن أكون مغفلا وأردد ما ذكره "مصطفي محمود" في إحدي كتبه عندما قال:
"في الكتب المقدسة..إن هذا القضاء جري علينا تكفيرا عن الذنب الذي ارتكبه أبونا آدم..حينما عصي ربه وأكل من الشجرة المحرمة. و كل حياتنا منذ اللحظة الملعونة كانت فدية..كانت قربانا لله ليغفر..ويعفو..ويسامح"
فأنا أعرف جيدا أنك تقول:
"ولا تزر وازرة وزر أخري"
لكني مع ذلك..لن أكون مثاليا يا الله..فلا مانع من بعض القلق..بعض الخوف..آلام الولادة..آلام الاحتضار..
وأخيرا : أطلب منك يا الله أن تجعل الناس في هذه الأرض ينتمون للإنسان وينتصرون له..ولا يظلمونه تحت أي مسمي..
اللهم آمين
..
استدراك
"تم القبض علي معمر القذافي واعتقاله"
يا الله..أريد أن أسمع هذا الخبر بعد ساعات..أو أن تقبضه أنت إليك..فأنت تعرف أنه يجعلني أعتقد في عبثية الحياة..وهذا ما لا أحبه!



الجمعة، 20 مايو 2011

أنا الذي اقتربت ورأيت

إهداء إلي الصديقين:

هيثم عبد القادر
أحمد مختار عاشور.

..

.أنا لن أنتحر الآن
سأنتظر حتي يأتي رمضان
فأصوم النهار
وأقوم الليل..حتي تأتي تلك الليلة المزعومة..فأصلي الفجر جماعة في الجامع الكبيرالذي كنت أحضر الجمعة فيه وأستمع للشيخ الذي كان يسب المثقفين والمسيحيين علي منبره
ثم أصعد سطح البناية التي أسكن في الدور الخامس منها
ثم أقفز
أنا لن أنتحر الآن
...

استدعاني صديق إلي البار..ذهبت إليه..بعدها بقليل انضم إلينا آخر
اللعنة عليكم جميعا
أنا الوحيد الذي يشرب الكولا في البار
....
أصر علي أن أصحبه إلي البار
"نوبغوجِيده"..هذا هو اسم الشارع الذي تسكنه أغلبية عربية -
هنــــاك
في تلك الجزيرة..في شمال الشمال-
"الميدان"..البار يسمي"الميدان"
أطلب الكولا
أنا الوحيد الذي يشرب الكولا في البار
أفرغ منها..بينما ينهال صديقي علي زجاجة البيرة رقم..لا يهم الرقم
" طيبة هذه التوبورج..مصطفي حبيبي.. اشرب لا يهمك"
هكذا همس لي صديقي "كريم" بلكنته العراقية التي حافظ عليها رغم الحرب العراقية الإيرانية..رغم حرب الخليج..رغم الهروب خلسة في السفن..رغم الصليب الأحمر..رغم اللجوء السياسي
حتي رغم داء السُّكّري الذي أتي عليه...
-هو لا يعرف أني بالكاد أشرب "فيروز" في بلدي-
بالتأكيد هو لا يعرف إلا "فيروز" التي تغني
صيحة "راسل كرو" في فيلم"عقل جميل" تملأ رأسي الآن
”respect for beer…respect for beer”
.....
أنا الوحيد الذي يشرب الكولا في البار
ما الذي أتي بي هنا؟؟ سأضطر أن أتحمل سخافات صديقي وهو يسفه كل ما لديّ
ميولي الإسلامية
ميولي الليبرالية
حبي
كل هذا.
اللعنة عليّ..سيحاربني بإلحاده
اشتراكيته
غزواته الجنسية التي ما زلت أشكك فيها
-أنا لا أظنه حتي قبّل خد حبيبته الأخيرة-
سيواجهني بإيفوريته التي تمنحها إياه البيرة لينقض علي الكآبة التي علت وجهي منذ شهور
اللعنة علينا جميعا
....
"أنا لا أشرب البيرة..اتركني براحتي أخ كريم"
سأكتفي بالكولا وسجائري
خرج للحظات..ثم عاد بعلبة سجائر أهداها لي
”respect for beer..respect for beer”
-صيحات "راسل كرو" لا تريد أن تغادر رأسي-
عندما تعرفت علي كريم لم آخذ وقتا كبيرا كي نشعر بأن صداقتنا هذه ليست وليدة هذه الأيام
ربما جمال عبد الناصر ساعد في ذلك
....
ليست معي سوي بضع لفافات من التبغ..الوقت متأخر جدا..لو خرجت لشراء علبة جديدة لن أجد من ابتاع منه..سأضطر إلي مشاركة صديقي في سجائره الرخيصة-كليوباترا-..كليوباترا..هذه الملكة التي لو جربت لفافة واحدة من السجائر المسماة باسمها لأهدت أهل مصر أقذع السباب وربما أتت بحركات بذيئة بإصبعها الأوسط
صديقي يعرف أني دائم الإهانة لسجائره..لذا لن يوافق بسهولة أن أشاركه فيها
زجاجات البيرة هنا شكلها يستفزني جدا..تشبه زجاجات الفينيك التي لم أرها ولكني شممت رائحته في حمامات المدينة الجامعية
"سقارة" ..من إنتاج شركة الأهرام للمشروبات الإباحية
"كليوباترا" .."سقارة".."الأهرام"
وقريبا جدا الواقي الذكري
" أحمس"
هذه هي الحضارة الفرعونية
" أنا بحب طعم البيرة "
ينظر إلي مستفِزا
اللعنة عليك وعليها
.....
" حتي في شرب المسكرات..الإنسان الغربي يشرب ما يحفظ توازنه..بينما العربي يشرب حتي الثمالة"
علي أحد الطاولات ظهرت صورة "محمد الغزالي" شاحبة ومنهكة..ثم مرت مقولته هذه أمامي بسرعة..
أنا فقط أشرب الكولا-حدثت نفسي
أنا الوحيد الذي يشرب الكولا في البار
أفقت من غفلتي علي صوت "كريم" وهو يدعوني إلي التركيز في الأغنية
”dancing queen”
"كريم" منسجم جدا مع الأغنية..أخبرته أنها تروقني..وهي بالفعل كذلك
”respect for beer..respect for beer”
"كريم" أوشك علي أن ينهي زجاجة البيرة الخامسة
صوت"راسل كرو" يملأني الآن
"كريم..لو سمحت أنا مش بشرب"
يرد صوت من داخلي أيضا
أنا الوحيد الذي يشرب الكولا في البار
.....
لم أتمالك نفسي من الضحك علي هذه ال "سقارة" ..وكلما ازداد ضحكي كلما غضب صديقي وطلب المزيد حتي أسكت.فأخبره :

" أكيد كان فيه إزازة فينيك كانت بنفس الشكل دا لقيوها جنب هرم سقارة..فخلوا أزايز البيرة بنفس الشكل المستفز دا "

بعدما فشل في إسكاتي..لم يجد مفرا من أن يلجأ ل"مايستر" ..أنهي كانزين منها
ثم انهال سيل السخافات عليّ
لم أستحمل
هددته برحيلي فهدأ قليلا
لكنه طلب النبيذ هذه المرة..فتأهبت لسخافاته مجددا
"فيه حد يسافرأوروبا..ولا يمارس الجنس هناك...طيب هنا وقلنا ماشي لكن هناك؟"
.....
"
Nadja..هذي البنت تحبك مصطفي..ليه ما تكلمها؟ ..دايما تسألني عنك حبيبي""..
هكذا أتاني صوت "كريم" بكل تردد..وكأنه يخشي من ردة فعلي
أخبرته بأن يغلق الحديث في هذا الموضوع وكررت له كلامي بأني مرتبط بعلاقة حب بفتاة في بلدي البعيدة

التفت إثر لمسة ناعمة علت يدي التي كانت تنقر فوق الطاولة بعصبية..لكني يدي هدأت واهتدت وهي تحت يدها
”oooh, Nadja”
-دائما كانت تبهرني..هذه البنت الشمالية ..لا أستطيع أن أواجهها بأي كلام عندما أراها..تنهار قدرتي علي التفوه في وجودها..بنت آسرة..منذ تعرفت عليها ذات يوم في المستشفي وحضرنا معنا عملية تغيير لمفصل الركبة مع دكتور
”Neils levi”
من وقتها..وارتبطت معها بصداقة فورية . كنا نخرج معا ونهيم في شوارع مدينتها النظيفة الهادئة

مع مرور الأيام وجدت علاقتنا تأخذ شكلا جديدا وازدادت حميميتها تجاهي
-كان هناك حب مرتبك ينتظرني في بلدي-
لذلك..أصبحت أتجاهل مكالماتها ورسائلها. ساعدني في ذلك أنها أنهت الفترة المخصصة لها في المستشفي الذي كنت فيه
-لابد أن "كريم" هو من فعل هذا ودبر مجيئها هنا-
تلقائيا وجدت نفسي في حضنها..رحبت بها بحميمية أثارت دهشتها
-لكنها كانت سعيدة-
....
"أنا لم أمارس الجنس هناك..ولم ولن أمارسه هنا"
صرخت في وجهه بتلك الجملة
" أنت غبي..لازم تمارس الجنس قبل ما تموت..وللا عشمان تدخل الجنة وتمارسه هناك؟؟

متحاولش..مش هتدخل الجنة..تحب أريحك..مفيش حاجة اسمها جنة أساسا.."جنة" دي علبة سمنة وبس"..فهمت ؟ "

-النبيذ أصبح يؤدي دوره علي أكفأ ما يكون-

" أنت عارف إني حد مش شهواني زيك..وعارف أن الفرصة جات لي كذا مرة لممارسة الجنس سواء هنا أو هناك..وأظن أنك متأكد أني مليش في النجاسة زيك"

-لم أفهم لماذا انفعلت وارتبكت وأنا أوجه له الكلام رغم أن هذا الحديث دار بيننا عشرات المرات..وكأنني أنا الذي يشرب وليس هو. فأنا لا أشرب...

أنا الوحيـــدالذي يشرب الكولا في البار
.....
لم تفوت صديقتي الشمالية الفرصة..استغلت حميمية ترحيبي بها جيدا
اختفت لثوانٍ..ثم عادت بزجاجتها المفضلة

"كريم" انسحب بعد أن أدي مهمته جيدا..لجأ إلي أحد أركان البار ليمارس لعبته المفضلة ..لا ليست لعبة..إنها ماكينة قمار. لا يفوت فرصة وجودي في البار..يستغلها..فهو يتفاءل بي دائما وبالفعل هو يربح دوما في صحبتي

"الويسكي". منذ أن لمست يدي..استولت صديقتي علي مقاليد أمري..غبت في حضرتها..احتوتني أنوثتها..أنا الذي طالما هربت من حصارها..ها هي الآن تغزوني وتفتح حصوني المنهارة..استسلمت لها تماما
-الله يجازيك يا كريم- أحدث نفسي

طعم "الويسكي" الحارق..الكحول يكوي الأغشية المبطنة لفمي وحلقي
-بالكاد فرغت من الكأس الصغير..الصغير جدا-
أحست بي..فناولتني زجاجات البيرة وكؤوسها الكبيرة..ثم غبت مجددا داخلي يصرخ الآن :
”respect for beer..respect for beer”
لم أر "رسل كرو" مجددا
فأنا في حضرة
”Nadja”
.....
" المرأة تعرف الجنس وفقط..متقوليش حب..مش عايز أسمعها منك الكلمة دي تاني..أنت ليه بتدي الفرصة للبنات أنها تعمل فيك كدا..أنا بقولك كدا عشان مصلحتك..طيبتك دي هي اللي مضيعاك صدقني"

وقبل أن أرد..بادرني
"شوف كام واحدة سابتك بعد ما حسستها بأنوثتها وأنها بني ادمة أصلا..

فقاطعته
"أنت عارف أن محدش سابني كدا..وانفصالي عن أي واحدة كان بالاتفاق..

لم يرحمني منه إلا همهمات من صديقنا الثالث-والذي كنا قد نسيناه تقريبا بسبب سخونة الحوار- رغم كثرة المرات التي تجادلنا فيها في هذا الموضوع-
كان السُكْر قد أتي علي صديقنا فانكب علي الطاولة مغشيا عليه..ثم تمكنا من إفاقته بشكل جزئي
أنا الوحيــــد الذي يشرب الكولا في البار
لم تزل تلك الجملة تترد في داخلي وأنا خارج من البار...كنت قد سبقتهما في الخروج لأتأكد من خلو الشارع من رجال الشرطة حتي لا يقع أحدهما أو كلاهما تحت طائلة "محضر السُكْر"
-أعرف أن هذه إحدي وظائفي الأساسية هذه الليلة-
الوظيفة الثانية هي إحضار التاكسي بسرعة..وقد كان.
.....
أفقت علي ملمس يدها من جديد
“Nadja”
وجدت نفسي في غرفتها في مسكنها الجامعي.. عندما رأتني أفتح عيني ..لم تمهلني ..سحبتني من يدي..ثم غبت من جديد في حضن طويل

أفقت علي شبح ارتسم علي وجه المرآة التي كانت تقابلني
بعدها لم أشعر بنفسي إلا وأن أجري في الشارع
كان الليل الأسود يسيطر علي الشارع وقتها..لم يتخلل هذا السواد سوي بعض المارة
يبدو أن الوقت كان قد جاوز منتصف الليل بقليل في هذه المدينة التي تنام قبل هذا الوقت بثلاث ساعات تقريبا
البرد شديد وقارس..نسيت معطفي في غرفتها
-لايهم-
المطر يتساقط بازدياد॥ لمأعد أري من خلف نظارتي الطبية بعد أعمت عدساتَها قطراتُ المطر..فانتزعتها من بين عينيّ
نسيت شمسيتي في غرفتها
-لايهم-
واصلت الجري..لا لن أذهب إلي مركز النت القريب..هي تعرفه جيدا وحتما ستأتي لتفتش عني فيه-علي الأقل لتعطيني ما نسيته في غرفتها
سأذهب إلي مركز بعيد –كان "كريم" قد عرفني به منذ أيام
لم أعرف مصدر الطاقة التي سمحت لي بأن أجري لنصف ساعة..حتي وصلت!
......
أتينا بصديقنا الثالث في شقتنا..كان قد بدأ للتو في التعرف علينا بعد أن كان مغشيا عليه
أجلسناه علي الأنتريه..مازحته قائلا :
"أنت عيل سيس..شربت لحد لما وقعت من طولك..أنت عربي أصيل للأسف..لكن شوف صاحبنا دا..عشان متأثر بالغرب..بيشرب للمتعة..كمية متخليهوش يفقد توازنه..مش بيسيب نفسه لحد لما يقع علي وشه زيك"

لم يرد علي واكتفي بابتسامة عاجزة
بعدها بقليل..أخذته حالة من النشوة ..لم تدم طويلا
انقلبت ببكاء هستيري..دام طويلا
وتخلله مجموعة من الأسئلة الوجودية:
"ايه لازمة الحياة اللي احنا عايشنها دي؟"
"امتي هتخلص المسرحية السخيفة دي؟"
"ليه الفرح مش بيدوم..امتي طلع قرار بحرماننا من السعادة؟"
إلخ......إلخ

انقطعت هذه الأسئلة بأن وقف علي رجليه ثم سار قليلا في الصالة فأمسكت بيده
"أنت رايح فين ؟"
سألته-بكل فزع
فجاوبني بلا مبالاة
"هنط من البلكونة...هنتحر"
فوقفت وأمسكت به أنا وصاحبي فلم تٌجدِ معنا مقاومته فسقط علي الانتريه مستسلما
"أنت مش هنتحر؟؟"
-موجها السؤال لي-
فأخبره صديقي :
لن ينتحر الآن..سينتظر لمدة أشهر
حتي يأتي رمضان
فيصوم النهار
ويقوم الليل..حتي تأتي تلك الليلة المزعومة..فيصلي الفجر جماعة في الجامع الكبيرالذي كان يحضر الجمعة فيه ويستمع للشيخ الذي يسب المثقفين والمسيحيين علي منبره
ثم سيصعد سطح البناية هذه
ثم يقفز
لن ينتحر الآن
.....
دخلت مركز النت..أعطاني الشاب التركي رقم الجهاز بعد أن رحب بي بإنجليزية ركيكة
-كثيرون هم الأتراك هنا..لا يجيدون إلا لغتين: الدنماركية-بحكم إقامتهم هنا منذ زمن-
والتركية-لغة بلادهم البعيدة-...لا يجيدون الإنجليزية إطلاقا!

دخلت علي الشات॥بدا لي "الياهو" وقتها وكأن حضنه سيسعنا أنا وهي
كانت أونلاين..فتنهدت ارتياحا
"أنا محتاجلك جدا"
"مصطفي..صليت الجمعة النهاردة؟؟"
"بجد..أنا محتاجلِك جدا..مفتقدك بشدة"
"لو سمحت رد عليا..صليت الجمعة النهاردة؟"
-لم أعرف أن اليوم كان يوم جمعة إلا من تكرار ظهور هذه الكلمة علي صفحة الشات-
ثم رأيت الحضن الواهم يتلاشي وتبتلعه تلك المسافات من البلاد والبحار والناس
حتي أني رأيت النيل من بعيد..وقد غطاه السواد والقبح..كان مشهده منفرا
فأجبتها :
"لا... عشان معرفش أماكن جوامع هنا"
لم ترد عليّ...أصابها الصمت للحظات
حتي أصبحت
أوفلاين

ثم خرجت..غادرت مركز النت ..وغلفني شعور بالهزيمة أكسبني كآبة علت وجهي لشهور
وبحثت عن الطاقة التي كانت معي منذ دقائق فلم أجد
كان المطر قد ازدادت طرقاته علي الأرض ..لم أنتبه إلا وقدامي في بركة من الماء الذي تراكم علي جانبي الطريق..البرد كانت تزداد حدته فلم يعد لدي بعض الدفء الذي وفره لي الجري منذ دقائق
تحاملت علي نفسي حتي وصلت إلي أقرب محطة أتوبيس ..
دخلت غرفتي..ارتميت بملابسي المبتلة علي السرير
ثم غبت
استيقظت علي لكمات خفيفة من صديقي في الغرفة
وقمت مفزوعا وأنا ألهث وأردد بلا انقطاع :
أنا الذي اقتربت ورأيت..أنا الذي اقتربت ورأيت